كان القصف شديدا الى درجة اهتزاز الارض تحتنا وفوقنا ومعه تتساقط ذرات التراب على كل مايحتويه الملجاء
حيث اسراب طائرات B-52 ترمي حمولتها وكأنها صبي مصاب بأسهال معوي شديد !!!!!!!!!( تزرب زراب)
كان طباخي الكتيبه يطبخون مرق الفاصولياء والرز في قدرين كبيرين جدا
الوجوه صامته مصفرة ولاصوت الا صوت داود القيسي الهادر من المذياع الصغير نوع (القيثارة بحجم قبضة اليد :
عــدنه الــحرب تدريـــب
عـدنه الحرب تدررررررريـــــب
هذه الاغنية الحماسية والتي تشرح وتوضح ان الحرب عند العراقيين هي مثل تدريب وليس حربا !!!!
هذا الكذب والدجل المستمر منذ 1980 وبالخصوص من داود القيسي أستحق عليه ان ارمي بالمذياع في قدر المرق الكبير والذي كانت درجة الغليان فيه في حدها الاقصى , قائلا:
والله اليوم اسويك تشريب !! انعل ابوك لابو الحرب , لابو صدام...........
- عبسي ( تصغير لعباس بيلييه) لازم نهرب ,لأن هاي الشغله لاكفه طين !!! والقصف يشتد ولاناصر ولامعين ..وكأن الارض قد زلزلت
- الله وأيدك , اليوم أمس هي لاكفة طين وقنادر !! بس دلينه الدرب شلون نوصل والجسور مقطوعة وفرق الاعدام براس كل عَـبـرَة جسر ؟؟
- هنا لابُـــد من التـفــكــير أيــها الــعَـــبــدُ الــحــَـبـَــشـي ( مُــقلدا عصر الجاهليه)
- خايب دروووح على اساس انت شلون حـــــر !!!! ههههههههه (ضحك عبسي)
صباح اليوم التالي وتحديدا 19/2/1991
-بيلييه ..بيلييه تعال يابُـــني ..قد وجدتها
- ماذا وجدت ايها المسودن؟؟
- انا جريح ..وانت مأمور مرافق لي لارسالي الى المستشفى
- شلون جريح وبماذا جُرحت؟ بسكين !!!!!!!!! شو جنك حصان ابن الاوادم
- ولك تبقى عقلك عقل عبد حبشي ؟؟ احط هاي مال الرقبه مثل ياسر عرفات (عندي وحده) وأزور ورقة ارسال عيادة مستشفى ـونعبر من العشار على التنومه ونركب من هناك باص تاتا وشــــلـييييييييع نـفــلــت وأبوك الله يرحمه !!!
- خوويه خاف يكظونه ؟؟ ويـــوكلونـــــه تبن؟
- ههههههه جا احنه هسه شناكل ؟؟ ابن الاوادم
وهكذا كان...اكملنا مستلزمات خطة الهروب ...وركبنا سيارة عسكريه الى مقر خلفيات الكتيبة في الدريهميه وبعد استراحه قصيرة
سرنا مشيا على الاقدام مسافة 3كم الى الشارع العام طريق صفوان -البصرة وبالتحديد عند معمل البتروكيمياويات مقابل معمل الطابوق الجيري
نومىء بأيدينا للسيارات العسكريه المارة عــسى ان تتوقف احدا ها لتنقلنا للبصره
- عباس احوي اخوي هاي أأششر لهذه الأيـــفا بلــكي يوكـَـــف ؟
أأشــر بيلييه للأيـــفا التي تتهادى ببطء وخفف سائقها سرعته وكأنه يتوقف لنا وحين وصلنا لها لكي نركب تحرك مسرعا تاركا لنا خيبة أمل بحجم السيارة
- نعله على والديك ياكلب ابن الكلب..حقير ,جايف ابو الوسخ ( عباس ينهال على السائق)
-- خايب يلله عبسي , شنو اشصار قابل ماكو غيرهه ( عسى ان تكرهوا شيئا مثل وجهك وهو خيرا لكم هههههههههههه)
- والله انت بطران !! عود مسوي نفسك مسيطر
- اني مامسيطر وبايكَــ هوا , بس شنسوي انظل انربرب ؟ ماكو فايده
ها ها هاي كاز 66 اأششر ولك أأششر , وطلعله زرورك هههههههه مثل سعاد حسني
توقفت الكاز 66 بسرعه وعند توقفها ركبنا على ظهرها وكانت محمله بجنود ايضا..الكل ينظر للكل وكنت اعتقد انهم كلهم هاربين مثلنا لكن لااحد يجروء على التساؤل !!!!!!!
سارت بنا الكاز 66 مع دعائنا للسائق بالتوفيق والنجاة من كل شر ..ياطيب وابن حلال ....الخ مــو مثل ابو ذيج اليــفا الكَــدامنه كلب ابن كلب ,حقير , ما ندري شلون الله يوفقه ..صدكَــ جذب !! جا احنه بهذا الضيم و واحدنه مايساعد الثاني ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
دقائق معدوات ووصلنا جسر الزبير المقصوف والمقطوع , وبذلك يضطر سائقي السيارات الى سلوك ضفة شط الزبير اليمنى حتى الجسر العسكري وبعد عبوره يسيرون بمحاذاة الضفه الاخرى حتى الشارع العام مرة اخرى ....
كل هذا والمسافة بين الكاز 66 الروسية الصنع وألأيــفــا الالمانية الشرقيه تقريبا ثابته أمــتــاراً معدودات 50 مترا اكثر او اقل !!!
قبل الوصول الى نقطة لقاء الطريق برقبة جسر الزبير وعند الانحناءه الاسفلتيه
صاح السائق وهويفرمل السيارة أأنـــــززززلللللوووووووووووووووووا طــيارات طيارات
قفزنا مباشرة الى ساتر ترابي واطيء محاذي للشارع ونظرنا الى الاعلى
طائرات سوداء اللون وكأنها بطارق (بطريق) تنقض بسرعه كبيرة على الجسر وتلقي قنابلها(زرابها)
دفنا وجوهنا في تراب الساتر وحمينا رؤوسنا بأيدينا وانتهى الاحساس بالزمن حينها
يللـــــه كَـــــومـــــوا راحــــن راحــــن بسرعه لا يرجــعـــن
وبسرعة صعدنا على ظهر الكاز 66
وحين تقدم امتار معدودات وجـــدنا الأيـــفا حطاما يحترق !!!!!!!!!
وقربها سيارة تويوتا بيك اب (1 طن) تحمل طماطة ’ سائقها مذبوح من الرقبه وهو في داخلها والدماء تسيل من رقبته على ثوبه الابيض وأمرأة تتشح بالسواد تنوح وتلطم وتخرط خدودها بأظافرها !!!!!!!!
السائق مسرعا
هناك على الطريق العام بعد الانحناءه الاسفلتيه
رجل يرتدي ثوبأ ابيض حاسر الرأس يهــرول وكأنه يسابق السيارات , حين اجتزناه , نظرنا الى وجهه
عرفنا انه كان في السيارة البيك اب ومن اثر الصدمه فقد عقله للابد او ربما مؤقتا فهو يهرول الى المجهول
............
عندما وصلنا التنومه
وركبنا باص التاتا
- الله خلصنه ..............تكلم بيلييه بعد صمت طويل جدا
- اي الله خلصنه لو صاعدين بالأيفا جا هسه صرنه خيوط , الف رحمه على روح سائق الايفا , وروح والديه !! همزين ماوكَف وشالنه وياه !!! (قبل القصف شتمناه)
في القرنه بدءنا نتمازح و عدنا الى سابق عهدنا !!!!!!!!!!!!!!!!!!
الان بعد كل هذه السنين اتضح ان المسافه الطوليــه مابين الكاز 66 والايفـــا عند جسر الزبير والمقدرة ب 50 مترا طول تقريبا
تعادل 20 سنة زمنيــــــا وربما أكثر..اي ان تلك المسافة اضافت لنا عمرا كنا سنفقده على ظهر ظهر الايفا
امـــا شــلون كَــضـيـتهن هذني العشرين قندرة
فللحديث بقية
هناك تعليق واحد:
ماأكثر قصص الحرب تلك,لكل انسان عراقي شارك بها قصة.قصص مؤلمة ولحظات حرجة وزمن يابى التقادم والنسيان ,زرعت تلك اللحظات اخاديد قاسية على ملامح وجوهكم وقلوبكم,لكنها لم تغير أنسانيتكم بلرغم من كل قساوتها وجبروتها!!
إرسال تعليق